[التوقيف على مهمات التعاريف - المناوي]
معجم طريف، كانت له شهرة عالية في أروقة الصوفية والفقهاء في العصر العثماني، لاعتناء مؤلفه بما يشيع في كتب الفريقين من المصطلحات. ومصنف الكتاب هو زين الدين محمد عبد الرؤوف المناوي (952 هـ - 1031هـ) صاحب (الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية) المعروف بطبقات المناوي الكبرى. قال المحبي في خلاصة الأثر (2/ 416) : (وبالجملة فهو أعظم علماء هذا التاريخ آثارا، ومؤلفاته غالبها متداولة كثيرة النفع، وللناس عليها تهافت زائد، ويتغالون في أثمانها) وقد جمع مواد كتابه كما صرح في المقدمة من ثلاثة معاجم، هي: (الذريعة إلى معرفة ما أصلت عليه الشريعة) ومستدرك ابن الكمال عليه المعروف بتعريفات ابن الكمال، ومفردات الراغب الأصفهاني. ولكنه لم يقف عند هذه المعاجم الثلاثة، بل زاد عليها مصادر جمة يأتي في مقدمتها (معجم الحرالي) علي بن أحمد بن الحسن التجيبي الحرالي، ولكنه لم يسم المعجم، وكتاب (السراج) للكرماني، و (المفتاح) للسكاكي و (جمع الجوامع) للسبكي. وجزم د. الداية أن كتاب المؤلف استوعب أيضا معظم (تعريفات) الشريف الجرجاني، مع أنه لم يذكر ذلك في المقدمة؟! أما منهجه في الكتاب فقد رتبه على تتابع حروف المعجم من الألف إلى الياء، مراعيا أوائل الكلمات كما هي من غير أن يردها إلى أصولها، فكلمة (الأشباح) مثلا، تجدها في باب الألف فصل الشين، والإصلاح، في باب الألف فصل الصاد، و (المستودع) في باب الميم فصل السين. وقدم للكتاب بقوله: (وبعد فقد وقفت على كتاب لبعض المتقدمين ملقب بالذريعة إلى معرفة ما أصلت عليه الشريعة المحتاج اليها في العلوم الشرعية الثلاثة ولا يستغني مفسر ولا محدث ولا فقيه عن معرفتها ورأيت المولى العديم المثال الامام شمس الدين بن الكمال قد انتقى من ذلك الكتاب تعريفات واصطلاحات ولم يستوعبه لكن زاد من غيره قليلا وألفيت الإمام الراغب ألف كتابا في تحقيق مفردات ألفاظ القرآن أتى فيه بما يدهش الناظر ويذهل الماهر وذكر أن ذلك نافع في كل علم من علوم الشرع. فجمعت زبد هذه الكتب الثلاثة ووشحتها بفوائد استخرجتها من بطون الدفاتر المعتبرة وطرزتها بفرائد اقتنصتها من قاموس كتب غير مشتهرة لا يطلع عليها كل وافد ولا يسرح في روض رياضها إلا الواحد بعد الواحد جلت شرعة الله أن تكون منهلا لكل وارد. طبع الكتاب لأول مرة بتحقيق د. رضوان الداية، (دمشق: دار الفكر، 1990م) وتقع هذه النشرة في (752 صفحة) عدا الفهارس، وهو مرجعنا في إعداد هذه المقدمة، ونوه فيها إلى الغموض الذي يحيط بكتاب (الذريعة) لأن المؤلف لم يسم مؤلفه، قال: وأقرب ما وجدت مما يناسب المقام أو يحوم حوله: (الذريعة في معرفة الشريعة) لأبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون (ت 585هـ) و (الذريعة إلى مكارم الشريعة) للراغب الأصفهاني. واعتمد د. الداية في نشرته هذه على ثلاث نسخ مخطوطة للكتاب، تحتفظ بها المكتبة الظاهرية بدمشق، أهمها وأقدمها: نسخة كتبها خلوف بن محمد سنة (1138هـ) وتقع في (129) ورقة، ويبدو أنه نقلها عن نسخة أحد تلاميذ المؤلف