[مراتب الإجماع - ابن حزم]
قال المؤلف - رحمه الله:
«نجمع الْمسَائِل الَّتِي صَحَّ فِيهَا الإجماع ونفردها من الْمسَائِل الَّتِي وَقع فِيهَا الْخلاف بَين الْعلمَاء فَإِن الشَّيْء إذا ضم إلى شكله وَقرن بنظيره سهل حفظه وَأمكن طلبه وَقرب متناوله ووضح خطأ من خَالف الْحق بِهِ وَلم يتعن المختصمون فِي الْبَحْث عَن مَكَانَهُ»
وقد قسم المؤلف المسائل الفقهية إلى طرفان ووسط، فقال:
- فأحد الطَّرفَيْنِ هُوَ مَا اتفق جَمِيع الْعلمَاء على وُجُوبه أَو على تَحْرِيمه أَو على أَنه مُبَاح لَا حرَام وَلَا وَاجِب فسمينا هَذَا الْقسم الإجماع اللَّازِم
- والطرف الثَّانِي هُوَ مَا اتّفق جَمِيع الْعلمَاء على أَن من فعله أَو اجتنبه فقد أدّى مَا عَلَيْهِ من فعل أَو اجْتِنَاب أَو لم يَأْثَم فسمينا هَذَا الْقسم الإجماع المجازي عبارَة اشتققناها لكل صنف من صفته الْخَاصَّة بِهِ ليقرب بهَا التفاهم بَين الْمعلم والمتعلم والمناظرين على سَبِيل طلب الْحَقِيقَة إن شَاءَ الله وَمَا توفيقنا إلا بِاللَّه
- وَبَين هذَيْن الطَّرفَيْنِ أَشْيَاء قَالَ بعض الْعلمَاء هِيَ حرَام وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم لَيست حَرَامًا لَكِنَّهَا حَلَال وَقَالَ قوم مِنْهُم هِيَ وَاجِبَة وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم لَيست بواجبة لَكِنَّهَا مُبَاحَة وكرهها بَعضهم واستحبها بَعضهم فَهَذِهِ مسَائِل من الأحكام والعبادات لَا سَبِيل إلى وجود مُسَمّى الإجماع لَا فِي جوامعها وَلَا فِي أفرادها