[الاعتصام للشاطبي]
ورد في مقدمة التحقيق:
يُعَدُّ كتاب الاعتصام للإمام الشاطبي أحسن ما أُلِّف في التحذير من البدع وبيان أحكامها، فلا نكاد نجد كتاباً تناول البدعة وأحكامها كما تناولها هذا الكتاب، وأغلب من ألف في هذا الموضوع بعد الإمام الشاطبي استفاد منه وتأثر به تأثراً واضحاً.
وقد فاق هذا الكتاب غيره من الكتب في هذا الموضوع بأمورِ عِدَّة، من أهمها:
1 - دقة المؤلف في تعريف البدعة، حيث عرفها بتعريف دقيق، ثم شرح التعريف شرحاً وافياً حدد به معنى البدعة على وجه الدقة، وأزال به ما يقع للكثير من اللبس وعدم التفريق بين البدع والمحرمات بل والمباحات.
2 - سعة جمعه للأدلة في الحث على السنة والنهي عن البدعة، سواء من الآيات أو الأحاديث أو الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم، ودراسة هذه الأدلة والنقول دراسة دقيقة تنبئ عن دِقَّةٍ في الاستنباط، وبراعة في الفهم.
3 - حسن ترتيب المؤلف لموضوعات الكتاب، وتقسيمه له على أبواب وفصول ومسائل، وتدرجه في ترتيب هذه الأبواب بحسب موضوعاتها مما يعين القارئ على الفهم والاستيعاب.
4 - سعة البحث وطول النفس مع الجودة والإتقان في تحرير المسائل والأحكام المتعلقة بالبدع، وهذه منقبة واضحة لهذا الكتاب جعلته يفوق غيره مما أُلِّف في هذا الباب.
5 - تركيز المؤلف على المسائل التي تلتبس على كثير من الناس، ويتخذها المبتدعة وسيلة لترويج بعض البدع، حيث حرر المؤلف القول فيها، وأزال عنها الاشتباه، وذلك كمسألة تقسيم البدعة إلى حسنة وقبيحة، أو تقسيمها بأقسام أحكام الشريعة الخمسة، وكمسألة التفريق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان، ونحوها من المسائل.
6 - قوة المؤلف العلمية، وتأهله لخوض هذا الموضوع، فقد اجتمع له علوم أهلته لهذه المهمة، من علم بالعربية، والأصول، ومقاصد الشريعة ونصوصها، مع قوة في الاستنباط، ورصانة في العبارة.
ومزايا هذا الكتاب تفوت الحصر، نسأل الله أن يجزي مؤلفه خير الجزاء.