[النبأ العظيم - محمد عبد الله دراز]
إنه كتاب صغر حجمًا وغزر علمًا، وهو من أعاجيب الكتب في الإسلام، وهو يمثل أعجوبة الدراسة [عبد الستار فتح الله سعيد] .
وهو موقوف على بيان وجوه جديدة من وجوه «الإعجاز القرآني البياني واللغوي والعقلي» . وما ورد في هذا الكتاب من إعجاز القرآن، وإثبات أنه كلام الله لو لم يكن في موضوع الإعجاز كتاب غيره، لا سابق عليه، ولا لاحق له، لكان كتابه كافيًا في هذا المجال، ولقامت به الحجة لله قوية على منكري سماوية القرآن من قدامى ومحدَثين، فقد أثبت -رحمه الله- أن هذا القرآن يستحيل عقلًا وعلمًا وواقعًا أن يكون له مصدر غير الله -عز وجل. [عبد العظيم المطعني]
وقد حفل «النبأ العظيم» بالحديث عن الجمال التوقيعي في توزيع الحركات والسكنات، والجمال التنسيقي في وصف الحروف وتآليفها على جهة ذات توافق وانسجام، كما أجاد الحديث عن خصائص الأسلوب القرآني في الفقرة التي تتناول شأنًا واحدًا، وفي السورة التي تتناول شئونًا شتى، ثم فيما بين سورة وسورة، وفي القرآن بنوع عام.
وقد بسط ذلك أتم بسط وأوفاه. ولم يفته أن يتحدث عن الإيجاز والإطناب في ضوء تعريف جديد متنقلًا إلى فنون من البيان كان جل اعتماده فيها على نفسه دون التقيد بما سبق من الآراء. وقد انتفع به طلابه على كثرتهم واختلاف معاهدهم انتفاعًا يتردد صداه قويًّا رائعًا في كثير مما يقال. فهو مجهود حي أتى ثمره وعلا جناه [محمد رجب البيومي]
ومن ذلك ما وسم به الأسلوب القرآني المعجز كله من هذه الخصائص البيانية المعجزة، التي لم تعرف في كلام سواه:
- خطاب العامة وخطاب الخاصة.
- القصد في اللفظ والوفاء بحق المعنى.
- البيان والإجمال.
يقصد الشيخ أن القرآن بجمع بين الأغراض التي هي عند الناس على طرفي نقيض، لكنك ترى القرآن يجمع بينها في تآلف وتآزر فيخاطب الخاصة بخطاب العامة، والعامة بخطاب الخاصة، ويقنع العقل ويمتع العاطفة في عبارة واحدة، ويجمل ويبين، ويوجز مع الوفاء بحق المعنى، وهذا غير معهود في كلام البشر مهما كان نصيبه من الفصاحة والبلاغة والروعة. [عبد العظيم المطعني]
وكتاب «النبأ العظيم» من دون كتب إعجاز القرآن، يتميز بعدة مميزات:
1- أسلوب علمي رصين، ومنهج مرتب الأفكار، وخطوات متئدة متصاعدة.
2- بيان رائق، سلس العبارة، مشرق الديباجة.
3- جاء الكتاب في حجم متوسط، لا يمل منه القارئ ولا يستطيله، رغم عمق الأفكار التي عالجها، والخطوات المتعددة التي سار الكتاب بها.
4- مخاطبة أبناء هذا الجيل، الذين بعد عهدُهم بكتب السلف الصالح والعلماء السابقين بأسلوبهم المعروف، فجاء هذا الكتاب جامعًا بين ما أفاده من السابقين، وبين ما يُفهم ويحرك الحاضرين والمعاصرين، وقد أظهر مؤلفه -رحمه الله- معرفة عميقة بالقرآن، وقدرة رائعة على بيان الإعجاز بأيسر عبارة وأوجز طريق.
5- الاهتمام بدراسة التناسب في السور القرآنية والإثبات بالحجة والبرهان أن السورة الواحدة من القرآن إنما هي كالبناء المتماسك لا يمكن أن تنزع منه لبنة واحدة دون أن يتداعى ويفسد نظامه [عبد الحميد الدخاخني]
خطة الكتاب:
قسم المؤلف كتابه إلى ما يلي:
1- المبحث الأول: تعريف القرآن والفارق بينه وبين غيره من الأحاديث القدسية والنبوية:
وقد ذكر المؤلف المعنى اللغوي والاشتقاقي للقرآن والكتاب , وسر التسمية بهما وسر اختصاصه بالخلود وعدم التحريف بين الكتب السماوية.
2 -المبحث الثاني: في بيان مصدر القرآن: وهو كونه من عند الله بدليل عتاب الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم في المسائل المباحة , وذكر شيئا من شهادات أعدائه المشركين له بالصدق في القول والفعل.
ثم ذكر في هذا المبحث أربعة مراحل:
- المرحلة الأولى: نفي القول بأن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم , وبيان أن معاني القرآن لا مجال فيها للذكاء والاستنباط ولا سبيل الى علمها لمن غاب عنها إلا بالتلقي , كمثل التفصيل في قصص الانبياء وأهل الكهف ,
- المر حلة الثانية: نفي وجود أي معلم بشري للنبي صلى الله عليه وسلم
- المرحلة الثالثة: ظاهرة الوحي ودلالتها على مصدر القرآن
- المرحلة الرابعة: جوهر القرآن يكشف حقيقة مصدره ,وذكر ثلاث نواحي للاعجاز القرآني وهي: الإعجاز اللغوي والعلمي والتشريعي، والرد على الشبهات المثارة حول معجزة لغوية القرآن (الإعجاز العلمي والتشريعي لم يذكرهما المؤلف في هذا الكتاب، بل في مسودات الجزء الثاني) .
3- ثم ختم المؤلف كتابه بنموذج من دراسة للإعجاز القرآني لسورة البقرة , وقسم دراسته لها إلى مقدمة وأربعة مقاصد وخاتمة , على هذا الترتيب:
- المقدمة: في التعريف بالقرآن وبيان ما فيه من الهداية.
- المقصد الأول: في دعوة الناس كافة الى الإسلام.
- المقصد الثاني: في دعوة أهل الكتاب دعوة خاصة الى ترك باطلهم والدخول في هذا الدين الحق في نحو ثلاث وعشرين ومائة آية , فاشتملت على ذكر بني اسرائيل مع موسى وقصة نجاتهم من فرعون ومن اليم وقبول توبتهم , ثم ذكرابتلاء ابراهيم بالكلمات وبناء البيت مع اسماعيل , ثم ذكر أمر تحويل القبلة الى البيت الحرام وذكر الصفا والمروة.
- المقصد الثالث: في عرض شرائع هذا الدين تفصيلا في ست ومائة آية , والأمر بالصبر في البأساء والضراء وحين البأس , والكلام على أحكام القتال في الكعبة وأحكام الأسرة من طلاق وخلع ونفقة ونحوها.
- المقصد الرابع: ذكر الوازع الديني الذي يبعث على ملازمة تلك الشرائع. وذكر حقائق الإيمان والإسلام.
- الخاتمة: في التعريف بالذين استجابوا لهذه الدعوة الشاملة لتلك المقاصد , وذلك في الآيتين الآخيرتين من سورة البقرة.